سُورَة آل عِمْرَان
أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(۲۲)
"أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ" بَطَلَتْ "أَعْمَالهمْ" مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْر كَصَدَقَةٍ وَصِلَة رَحِم "فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" فَلَا اعْتِدَاد بِهَا لِعَدَمِ شَرْطهَا "وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" مَانِعِينَ مِنْ الْعَذَاب
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (۲۳)
"أَلَمْ تَرَ" تَنْظُر "إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا" حَظًّا "مِنْ الْكِتَاب" التَّوْرَاة "يُدْعَوْنَ" حَال "إلَى كِتَاب اللَّه لِيَحْكُم بَيْنهمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيق مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ" عَنْ قَبُول حُكْمه .
نَزَلَتْ فِي الْيَهُود زَنَى مِنْهُمْ اثْنَانِ فَتَحَاكَمُوا إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالرَّجْمِ فَأَبَوْا فَجِيءَ بِالتَّوْرَاةِ فَوَجَدَ فِيهَا فَرُجِمَا فَغَضِبُوا .
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (۲۴)
"ذَلِكَ" التَّوَلِّي وَالْإِعْرَاض "بِأَنَّهُمْ قَالُوا" أَيْ بِسَبَبِ قَوْلهمْ "لَنْ تَمَسّنَا النَّار إلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَات" أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُدَّة عِبَادَة آبَائِهِمْ الْعِجْل ثُمَّ تَزُول عَنْهُمْ "وَغَرَّهُمْ فِي دِينهمْ" مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ "مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" مِنْ قَوْلهمْ ذَلِكَ .
فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (۲۵)
"فَكَيْفَ" حَالهمْ "إذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ" أَيْ فِي يَوْم "لَا رَيْب" لَا شَكَّ "فِيهِ" هُوَ يَوْم الْقِيَامَة "وَوُفِّيَتْ كُلّ نَفْس" مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَغَيْرهمْ جَزَاء "مَا كَسَبَتْ" عَمِلَتْ مِنْ خَيْر وَشَرّ "وَهُمْ" أَيْ النَّاس "لَا يُظْلَمُونَ" بِنَقْصِ حَسَنَة أَوْ زِيَادَة سَيِّئَة .
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (۲۶)
وَنَزَلَتْ لَمَّا وَعَدَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته مَلِك فَارِس وَالرُّوم فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ هَيْهَاتَ : "قُلْ اللَّهُمَّ" يَا اللَّه "مَالِك الْمُلْك تُؤْتِي" تُعْطِي "الْمُلْك مَنْ تُشَاء" مِنْ خَلْقك "وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء وَتُعِزّ مَنْ تَشَاء" بِإِيتَائِهِ "وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء" بِنَزْعِهِ مِنْهُ "بِيَدِك" بِقُدْرَتِك "الْخَيْر" أَيْ وَالشَّرّ "إنك على كل شيء قدير"
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(۲۷)
"تُولِج" تُدْخِل "اللَّيْل فِي النَّهَار وَتُولِج النَّهَار" تُدْخِلهُ "فِي اللَّيْل" فَيَزِيد كُلّ مِنْهُمَا بِمَا نَقَصَ مِنْ الْآخَر "وَتُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت" كَالْإِنْسَانِ وَالطَّائِر مِنْ النُّطْفَة وَالْبَيْضَة "وَتُخْرِج الْمَيِّت" كَالنُّطْفَةِ وَالْبَيْضَة "مِنْ الْحَيّ وَتَرْزُق مَنْ تَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب" أَيْ رِزْقًا وَاسِعًا .
شیخ الحدیث مولوي محمد عمر خطابي حفظه الله