سُورَة آل عِمْرَان
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (۱۲۱)
"وَ " اُذْكُرْ يَا مُحَمَّد "إِذْ غَدَوْت مِنْ أَهْلك" مِنْ الْمَدِينَة "تُبَوِّئ" تُنْزِل "الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِد" مَرَاكِز يَقِفُونَ فِيهَا "لِلْقِتَالِ وَاَللَّه سَمِيع" لِأَقْوَالِكُمْ "عَلِيم" بِأَحْوَالِكُمْ وَهُوَ يَوْم أُحُد خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفٍ أَوْ إلَّا خَمْسِينَ رَجُلًا وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَة آلَاف وَنَزَلَ بِالشِّعْبِ يَوْم السَّبْت سَابِع شَوَّال سَنَة ثَلَاث مِنْ الْهِجْرَة وَجَعَلَ ظَهْره وَعَسْكَره إلَى أُحُد وَسَوَّى صُفُوفهمْ وَأَجْلَسَ جَيْشًا مِنْ الرُّمَاة وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْد اللَّه بْن جُبَيْر بِسَفْحِ الْجَبَل وَقَالَ : انْضَحُوا عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُوا مِنْ وَرَائِنَا وَلَا تَبْرَحُوا غُلِبْنَا أَوْ نُصِرْنَا
إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (۱۲۲)
"إذْ" بَدَل مِنْ إذْ قَبْله "هَمَّتْ" بَنُو سَلَمَة وَبَنُو حَارِثَة جَنَاحَا الْعَسْكَر "طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا" تَجْبُنَا عَنْ الْقِتَال وَتَرْجِعَا لَمَّا رَجَعَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ الْمُنَافِق وَأَصْحَابه وَقَالَ : عَلَام نَقْتُل أَنْفُسنَا وَأَوْلَادنَا وَقَالَ لِأَبِي جَابِر السُّلَمِيّ الْقَائِل لَهُ أَنْشُدكُمْ اللَّه فِي نَبِيّكُمْ وَأَنْفُسكُمْ لَوْ نَعْلَم قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ فَثَبَّتَهُمَا اللَّه وَلَمْ يَنْصَرِفَا "وَاَللَّه وَلِيّهمَا" نَاصِرهمَا "وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ" لِيَثِقُوا بِهِ دُون غَيْره
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (۱۲۳)
وَنَزَلَ لَمَّا هُزِمُوا تَذْكِيرًا لَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّه "وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّه بِبَدْرٍ" مَوْضِع بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة "وَأَنْتُمْ أَذِلَّة" بِقِلَّةِ الْعَدَد وَالسِّلَاح "فَاتَّقُوا اللَّه لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" نِعَمه
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (۱۲۴)
"إذْ" ظَرْف لِنَصْرِكُمْ "تَقُول لِلْمُؤْمِنِينَ" تُوعِدهُمْ تَطْمِينًا "أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَنْ يُمِدّكُمْ" يُعِينكُمْ "رَبّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَاف مِنْ الْمَلَائِكَة مُنْزَلِينَ" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد
بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (۱۲۵)
"بَلَى" يَكْفِيكُمْ ذَلِكَ وَفِي الْأَنْفَال بِأَلْفٍ لِأَنَّهُ أَمَدَّهُمْ أَوَّلًا بِهَا ثُمَّ صَارَتْ ثَلَاثَة ثُمَّ صَارَتْ خَمْسَة كَمَا قَالَ تَعَالَى "إنْ تَصْبِرُوا" عَلَى لِقَاء الْعَدُوّ "وَتَتَّقُوا" اللَّه فِي الْمُخَالَفَة "وَيَأْتُوكُمْ" أَيْ الْمُشْرِكُونَ "مِنْ فَوْرهمْ" وَقْتهمْ "هَذَا يَمْدُدْكُمْ رَبّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَاف مِنْ الْمَلَائِكَة مُسَوِّمِينَ" بِكَسْرِ الْوَاو وَفَتْحهَا أَيْ مُعَلَّمِينَ وَقَدْ صَبَرُوا وَأَنْجَزَ اللَّه وَعْده بِأَنْ قَاتَلَتْ مَعَهُمْ الْمَلَائِكَة عَلَى خَيْل بُلْق عَلَيْهِمْ عَمَائِم صُفْر أَوْ بِيض أَرْسَلُوهَا بَيْن أَكْتَافهمْ
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (۱۲۶)
"وَمَا جَعَلَهُ اللَّه" أَيْ الْإِمْدَاد "إلَّا بُشْرَى لَكُمْ" بِالنَّصْرِ "وَلِتَطْمَئِنّ" تَسْكُن "قُلُوبكُمْ بِهِ" فَلَا تَجْزَع مِنْ كَثْرَة الْعَدُوّ وَقِلَّتكُمْ "وَمَا النَّصْر إلَّا مِنْ عِنْد اللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم" يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء وَلَيْسَ بِكَثْرَةِ الْجُنْد
شیخ الحدیث مولوي محمد عمر خطابي حفظه الله