عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (ما هذان اليومان) ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر» رواه أبو داود.
شرح الحديث:
(يومان يلعبون فيهما) : وهما: يوم النيروز، ويوم المهرجان. كذا قاله الشراح.
وفي القاموس: النيروز: أول يوم السنة معرب نوروز.
والنوروز مشهور، وهو أول يوم تتحول الشمس فيه إلى برج الحمل، وهو أول السنة الشمسية، كما أن غرة شهر المحرم أول السنة القمرية.
وأما مهرجان، فالظاهر بحكم مقابلته بالنيروز أن يكون أول يوم الميزان، وهما يومان معتدلان في الهواء، لا حر ولا برد، ويستوي فيهما) الليل والنهار،
فكان الحكماء المتقدمين المتعلقين بالهيئة اختاروهما للعيد في أيامهم، وقلدهم أهل زمانهم ; لاعتقادهم بكمال عقول حكمائهم، فجاء الأنبياء، وأبطلوا ما بنى عليه الحكماء.
(فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما) أي: في اليومين. (في الجاهلية) أي: في زمن الجاهلية قبل أيام الإسلام.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد) للتحقيق.
(أبدلكم الله بهما خيرا) : الباء هنا داخلة على المتروك، وهو الأفصح أي: جعل لكم بدلا عنهما خيرا.
(منهما) أي: في الدنيا والأخرى، وخيرا ليست أفعل تفضيل ; إذ لا خيرية في يوميهما.
(يوم الأضحى ويوم الفطر) : وقدم الأضحى ; فإنه العيد الأكبر قاله الطيبي. نهي عن اللعب والسرور فيهما أي: في النيروز والمهرجان، وفيه نهاية من اللطف، وأمر بالعبادة ; لأن السرور الحقيقي فيها. قال الله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} [يونس: 58]
قال المظهر: فيه دليل على أن تعظيم النيروز والمهرجان وغيرهما أي: من أعياد الكفار منهي عنه. قال أبو حفص الكبير الحنفي: من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى، وأحبط أعماله. وقال القاضي أبو المحاسن: الحسن بن منصور الحنفي: من اشترى فيه شيئا لم يكن يشتريه في غيره، أو أهدى فيه هدية إلى غيره فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة فقد كفر، وإن أراد بالشراء التنعم والتنزه، وبالإهداء التحاب جريا على العادة، لم يكن كفرا لكنه مكروه كراهة التشبه بالكفرة، حينئذ فيحترز عنه اهـ.
وأما أهل مكة فيجعلون أيضا أيام دخول الكعبة عيدا، وليس داخلا في النهي، إلا أن يوم عاشوراء فيه تشبه بالخوارج، بإظهار السرور، كما أن إظهار آثار الحزن من شيم الروافض، وإن كان الثاني أهون من الأول، ولكن الأولى تركهما ; فإنهما من البدع الشنيعة، ظهرت في أيام مناصب النواصب، وزمان غلبة الشيعة، وأهل مكة بحمد الله غافلون عنهما، غير عالمين بأحوالهما، وشاركت الرافضة المجوسية أيضا في تعظيم النيروز ; معللين بأن في مثل هذا اليوم قتل عثمان، وتقررت الخلافة لعلي - رضي الله عنهما -، وإنما ذكرت هذا مع ما فيه من الشناعة للاحتراز والاحتراس عن الشباهة، قال ابن حجر: قد وقع في هذه الورطة أهل مصر ونحوهم، فإن لمن بها من اليهود والنصارى تعظيما خارجا عن الحد في أعيادهم، وكثير من أهلها يوافقونهم على صور تلك التعظيمات، كالتوسع في المأكول، والزينة على طبق ما يفعله الكفار، ومن ثم أعلن النكير عليهم في ذلك ابن الحاج المالكي في مدخله، وبين تلك الصور، وكيفية موافقة المسلمين لهم فيها، بل قال: إن بعض علمائها قد تحكم عليه زوجته في أن يفعل لها نظير ما يفعله الكفار في أعيادهم فيطيعها، ويفعل ذلك. (رواه أبو داود) : وسكت عليه هو والمنذري، ورواه الترمذي، والنسائي أيضا، ذكره ميرك. (مرقاة المفاتیح شرح مشکاة المصابیح)
عون المعبود
(( يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفِطْر )
: بَدَل مِنْ خَيْرًا أَوْ بَيَان لَهُ ، وَقَدَّمَ الْأَضْحَى فَإِنَّهُ الْعِيد الْأَكْبَر قَالَهُ الطِّيبِيُّ ، وَنَهَى عَنْ اللَّعِب وَالسُّرُور فِيهِمَا أَيْ فِي النَّيْرُوز وَالْمِهْرَجَان (عون المعبود شرح سنن ابی داود))
(قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية) هما يوم النيروز والمهرجان (وإن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر) قال الطيبي : وهذا نهي عن اللعب والسرور فيهما.... وفيه دليل على أن تعظيم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما منهي عنه
وقال أبو حفص الحنفي : من أهدى فيه بيضة لمشرك تعظيما لليوم كفر وكان السلف يكثرون فيه الاعتكاف بالمسجد وكان علقمة يقول اللهم إن هؤلاء اعتكفوا على كفرهم ونحن على إيماننا فاغفر لنا
وقال المجد ابن تيمية : الحديث يفيد حرمة التشبه بهم في أعيادهم لأنه لم يقرهما على العيدين الجاهليين ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة وقال أبدلكم والإبدال يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجتمع بين البدل أو المبدل منه ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا في ترك اجتماعهما. (فیض القدیر شرح الجامع الصغیر)
قال الحافظ في الفتح:
وفي قوله لكل قوم أي من الطوائف وقوله عيد أي كالنيروز والمهرجان وفي النسائي وبن حبان بإسناد صحيح عن أنس قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر والأضحى واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية فقال من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى (فتح الباري شرح صحيح البخاري)
عظمة يوم النيروز عند الشيعة
و جاء في كتاب "البحار" للمحمد باقر المجلسي:
قال معلى بن خنيس: دخلت على الصادق جعفربن محمد عليه السلام يوم النيروز فقال عليه السلام اتعرف هذا اليوم؟ قلت: جعلت فداك، هذا يوم تعظمه العجم وتتهادى فيه، فقال ابوعبدالله الصادق عليه السلام.....فقال: يا معلى! ان يوم النيروز هو اليوم الذي اخذ الله فيه مواثيق العباد ان يعبدوه ولايشركوا به شيئا وان يؤمنوا برسله وحججه، وان يؤمنوا بالائمة عليهم السلام .... وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله امير المؤمنين علي عليه السلام منكبه... هو اليوم الذي امر النبي صلى الله عليه وآله اصحابه ان يبايعوا علياً عليه السلام بامرة المؤمنين، وهو الذي وجه النبي صلى الله عليه وآله علياً الى وادي الجن ياخذ عليهم بالبيعة له، وهو اليوم الذي بويع لاميرالمؤمنين عليه السلام فيه البيعة الثانية، وهو اليوم الذي ظفر فيه باهل النهروان وقتل ذا الثدية وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا وولاة الامر وهو اليوم الذي يظفر فيه قائمنا بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نيروز الا ونحن نتوقع فيه الفرج، لانه من ايامنا وايام شيعتنا، حفظته العجم وضيعتموه. (منلایحضره الفقیه, كتاب الشيعة)
النيروز عند الصحابة رضي الله عنهم
عن عبد الله بن عمرو ، قال : « من بنى في بلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك ، حشر معهم يوم القيامة » الكني والاسماء للدولابي, المتوفي 310
وذكر بإسناد صحيح عن أبي أسامة: حدثنا عوف عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو قال: "من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة". (احكام اهل الذمة لابن قيم الجوزية)
عن عبد الله بن عمرو قال : من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة (سنن البيهقي الكبري)
عن محمد بن سيرين قال : أتي علي رضي الله عنه بهدية النيروز فقال ما هذه قالوا يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز قال فاصنعوا كل يوم فيروز
قال أبو أسامة كره أن يقول نيروز قال الشيخ وفي هذا كالكراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا (سنن البيهقي الكبري)
قال أبو أسامة : كره رضي الله عنه أن يقول : نيروزا " .
قال البيهقي : وفي هذا : الكراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به . (اقتضاء الصراط المستقیم لابن تیمیة)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اجتنبوا أعداء الله في عيدهم (سنن البيهقي الكبري)
حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ، قَالَ: كَانَ زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ وَمَعَهُ جَمَاعَةً إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ، وَيَوْمُ الْمِهْرَجَانِ اعْتَكَفُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: " إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ اعْتَكَفُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَاعْتَكَفْنَا عَلَى إِيمَانِنَا فَاغْفِرْ لَنَا (شعب الايمان)
عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ يَعْنِي ابْنَ مُصَرِّفٍ قَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُ الْمَرَاجِيحَ (لعب) يَوْمَ النيروزِ وَأُرَاهَا شُعْبَةً مِنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَرَأَى إِنْسَانًا عَلَى أُرْجُوحَةٍ (شعب الايمان)
حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ النَّيْرُوزِ ؟ فَكَرِهَهُ ، وَقَالَ : تُعَظِّمُونَهُ. (مصنف ابن ابي شيبة)
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، قَالَ : سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّيْرُوزِ ؟ فَقَالَ : مَا لَكُمْ وَلِلنَّيْرُوزُ ؟ لاَ تَلْتَفِتُوا إلَيْهِ ، فَإِنَّمَا هُوَ لِلْعَجَمِ. (مصنف ابن ابي شيبة)
عن أبان بن أبي عياش قال : « لقيت طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي ، فقلت له : قوم من إخوانك من أهل السنة والجماعة ، لا يطعنون على أحد من المسلمين ، يجتمعون في بيت هذا يوما ، وفي بيت هذا يوما ، ويجتمعون يوم النيروز والمهرجان ويصومونهما ، فقال طلحة : » بدعة من أشد البدع ، والله لهم أشد تعظيما للنيروز والمهرجان من غيرهم ، ثم استيقظ أنس بن مالك فوثبت إليه فسألته كما سألت طلحة ، فرد علي مثل قول طلحة كأنما كانوا على ميعاد « (البدع لابن وضاح)
النيروز في مذهب القرامطة
و كان فيما حكى عن القرامطة من مذهبهم أنهم جاؤوا بكتاب فيه
ثمّ قدم الكوفة قوم من الكوفة، فرفعوا إلى السلطان أمر القرامطة و انّهم قد أحدثوا دينا غير الإسلام، و انّهم يرون السيف فى أمّة محمد إلّا من تابعهم على دينهم، و أنّ الطائي يخفى أمرهم عن السلطان فلم يلتفت إليهم.
مذهبهم كما جاء فى كتاب لهم
ثمّ جاءوا بكتاب فيه مذهبهم و نسخته:
- «بسم الله الرحمن الرحيم، يقول الفرج بن عثمان: إنّه داعية إلى المسيح، و هو عيسى و هو الكلمة و هو المهدىّ و هو أحمد بن محمد الحنفية و هو جبرائيل. و حكى أنّ المسيح تصوّر له فى جسم إنسان و قال له: انّك الداعية و انّك الحجّة و انّك الناقة و انّك الدابّة و انّك روح القدس و انّك يحيى بن زكريا. ثمّ يوظّف صلاة و يقرأ فيها شيئا ليس من القرآن، و يذكر قبلة غير قبلة المسلمين، و يحكى أشياء عن لسان الإمام و ينسب إلى الله أشياء و يحرّم النبيذ، و ألّا غسل من جنابة، و لا صوم إلّا يومين فى السنة: [563] يوم النيروز و يوم المهرجان، و كلّ من حاربه وجب قتله.» (تجارب الامم وتعاقب الهمم)
المعتضد و تغيير موقع النيروز
و فيها أحدث المعتضد النيروز الذي يقع فى اليوم الحادي عشر من حزيران و أنشأت الكتب إلى جميع العمّال فى النواحي و الأمصار بترك افتتاح الخراج فى النيروز الذي كان للعجم.....
تأخير الخراج إلى النيروز, و أخّر افتتاح الخراج الى النيروز المعتضدي. (تجارب الامم وتعاقب الهمم)
عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال إني لأكره الخروج يوم النيروز إني لأراها شعبة من المجوسية وأرى إنسانا أو أرجوحة. (حلية الاولياء, طلحة بن مصرف/ وکذا فی ذم الملاهی)
الضحاك بن عدنان
الذي تضرب به العرب الأمثال في قولهم : » أكفر من حمار ، وأشد من حمار
وهو أول الملوك سدل عليه الحجاب ، وصنع له التاج بالدر والياقوت والزبرجد ، وأول من نسج له الديباجة بالذهب ، وأول من سن النيروز والمهرجان ، وكان عاقرا عقيما ، لا يولد له (فنون العجائب/حَدِيثُ الضَّحَّاكِ)
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقطع المراجيح (وهو لهو ولعب)
مرجح ومرجاح لغتان فمرجح جمعه مراجح ومرجاح جمعه مراجيح كمفتح ومفاتح ومفتاح ومفاتيح وهو لهو ولعب إنما كان يفعله العجم في أيام النيروز تفرجا وتلهيا عن الغموم التي تراكمت على قلوبهم من رين الذنوب وقد تأدت الى العرب سنتها والمؤمن قد تعتوره الأحزان والغموم (نوادر الاصول فی احادیث الرسول)