اللغة لها أهمية كبيرة في ميادين الحياة جمعاء، يلازمها كل أمة و كل إنسان في مجال البحث والعمل والتعبير.
"وقد حرصت الأمم منذ قدم الزمان علي نقل تجارب اللغوية إلي الأجيال المتعاقبة، للحفاظ علي مسيرتها في التاريخ"، فكل يشتاق للحفاظ على لغة قومه ووطنه، ويسعى فى توليدها وتقويمها وتنميتها ورعايتها بالتجدد والاغناء، وتغذيتها بما يتجدد من الحاجات والطموحات، وبهذه المناسبة والمهارة المتجددة ، يحفظ تراثه وحضارته وعلومه ومعارفه وآدابه وأساليب حياته.
ومن بين اللغات اللتي تجاربها الأمم في حياتهم وخاصة الأمم الإسلامية شرقا وغربا فى العالم كله، مزية خاصة لللغة العربية، لأن عروبة اللسان، هي لسان القرآن الخالصة و لسان الدين القويم، فلذلك تحمل العربية من فصاحة الكلم وبلاغة التعبير وبراعة الاداء، ويسر التداول والتواصل والإبداع، وإنها رابطة لسانية توحد بين أفراد المجتمع والأمة.
العربية ليست لسانا قوميا -كما فهمها البعض- نرجع إليها في الآباء والأمهات والأجداد، بل إنها لسان ناطق دينى، لسان القرآن الكريم والسنة المطهرة الشريف، زادها الله شرفا بممارستها فى جميع المواقف، قولا وفعلا وإقرارا، ولها قيمة في شخص النبى صلى الله عليه وآله سلم والقرآن العظيم ويوم القيامة، ولأجلها قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نحب أصحابها، فيقول صلي الله عليه وآله وسلم:
أحبوا العرب لثلاث: لأنى عربي، والقرأن عربى، وكلام أهل الجنة عربى. (أخرجه: البيهقي في شعب الإيمان، والطبرانى فى المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك)
فالأخذ باللغة العربية، واجب ديني، يوصل المسلم إلى مفاهيم الدين والكتاب والسنة، وعلى هذا يقول الإمام الشافعى رحمه الله: "يجب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب، ما يبلغه جهده فى أداء فرضه" و وروى عن الإمام الماوردي أنه قال: "معرفة لسان العرب فرض على كل مسلم، من مجتهد وغيره " (الشوكانى، ارشاد الفحول، ص٢٥٢)
وقد تعرض الإمام فخرالدين الرازي -وعليه الفخر- لهذا الموضوع فى كتابه "المحرر في النحو" وذكر ما قيل من أن علم النحو واجب أو فرض كفاية. ثم وقف عند كفائته هذه، وبين أنها غير وافية بوجوبه، إذ لابد في كل عصر أن يقوم بهذا العلم قوم يبلغون حد التواتر. (تذكرة النحاة، ص٦٨٨، ومفتاح السعادة، ج١ ص١٤٤)
لعل رحمه الله يعنى أن العناية بالنحو كقواعد للعروبة، هي العناية باللغة العربية، ويجب أن تكون أتم عناية بسائر العلوم.
وملخص القول أن لسان العربية، هو لسان الدين الإسلامي، فيجب علينا العناية التامة بها.
فنسأل الله عزوجل اسمه، أن يوفقنا جميعا بعناية العربية والعناية بعلومها كلسان الدين، وخاصة بعلمى النحو والصرف كأب العلوم وأمها.
الحبيبى الصالحى
جمعة مباركة ١٧ ربيع الأول ١٤٤١ق
٢٤ عقرب ١٣٩٨ش / ۱۵ تشرین الثانی ۲۰۱۹م