موقع تعليم الاسلام
يتعين إيرادها، ولا يستغنى عنها، نقلتها من خط المولى العلامة علي جلبي بن أمر الله الشهير بقنالي زاده، رحمه الله تعالى.
اعلم، وفقك الله تعالى، أن مسائل أصحابنا الحنفية، رحمهم الله تعالى، على ثلاث طبقات:
الأولى: مسائل الأصول (ظاهر الرواية)
وتُسمى ظاهر الرواية أيضاً، وهي مسائل رُويت عن أصحاب المذاهب، وهم أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى، لكن الغالب الشائع في ظاهر الرواية، أن يكون قول الثلاثة، أو قول بعضهم.
ثم هذه المسائل التي تُسمى بظاهر الرواية والأصول، هي ما وجد في كتب محمد التي هي: " المبسوط " ؛ " والزيادات " ، " والجامع الصغير " ، " والجامع الكبير " ، " والسِّيَر " . وإنما سميت بظاهر الرواية، لأنها رويت عن محمد بروايات الثقات، فهي ثابةٌ عنه؛ إما متواترة، أو مشهورة.
الثانية: مسائل النوادر (غير ظاهرة الرواية)
وهي مسائل مروية عن أصحاب المذاهب المذكورين، لكن لا في الكتب المذكورة؛ إما في كتب أخر لمحمد وغيرها، ك " الكَيْسانيَّات " ، و " الهارونيات " ، و " الجرجانيات " ، و " الرقيات " .
وانما قيل لها غير ظاهرة الرواية؛ لأنها لم ترد عن محمد بروايات ظاهرة ثابتة صحيحة كالكتب الأولى، وإما في كتب غير كتب محمد ككتاب " المجرد " للحسن بن زياد، وغيره.
ومنها كتب " الأمالي " المروية عن أبي يوسف، والإملاء أن يقعد العالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيقول بما فتحه الله عليه من ظهر قلبه، وتكتبه التلامذة، ثم يجمعون ما يكتبونه في المجالس، ويصير كتاباً فيسمونه الإملاء والأمالي.
وكان ذلك عادة العُلماء السلف من الفقهاء، والمحدثين، وأصحاب العربية، فاندرست لذهاب العلم وأهله، وإلى الله تعالى المصير.
وإما بروايات مُفردة، مثل رواية أبن سماعة، ومعلى بن منصور، وغيرها، في مسائل مُعينة.
والثالثة: الفتاوي (الواقعات)
وتسمى الواقعات أيضاً، وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئل منهم، ولم يجدوا فيها رواية عن أصحاب المذهب، وهم أصحاب أبي يوسف ومحمد، وأصحاب أصحابهما، وهلم جرا، وهم كثيرون، موضع ضبطهم كتاب " الطبقات " لأصحابنا.
وغالب من يُنقل عنهم المسائل أصحاب أبي يوسف ومحمد، كمحمد بن سلمة، ونصير ابن يحيى، وأبي القاسم الصفار.
ومن أصحاب أبي يوسف، مثل عصام بن يوسف، وأبن رستم.
ومن أصحاب محمد، مثل أبي حفص البخاري، وكثيرين.
وقد يتفق لهؤلاء العلماء أن يخالفوا أصحاب المذاهب، لدلائل وأسباب ظهرت لهم بعدهم.
وأول كتاب جُمع في فتاويهم كتاب " النوازل " للفقيه أبي الليث السمرقندي، وكذلك " العُيون " له؛ فإنه جمع صور فتاوي جماعة من المشايخ، ممن أدركهم بقوله: سئل أبو القاسم في رجل كذا أو كذا، فقال: كذا وكذا. سئل محمد بن سلمة عن رجل كذا وكذا، فقال: كذا أو كذا. وهكذا.
ثم جمع المشايخ بعده كتباً أخر في الفتاوى ك " مجموع النوازل والواقعات " للناطفي، و " الواقعات " للصدر الشهيد، رحمه الله تعالى.
ثم جمع المتأخرون هذه المسائل في فتاواهم وكتبهم مختلطة، غير متميزة، كما في " جامع قاضي خان " ، " الخلاصة " ، وغيرهما.
وميز بعضهم كما في كتاب " المحيط " لرضي الدين السرخسي؛ فإنه ذكر أولاً مسائل الأصول، ثم النوادر، ثم الفتاوى، ونعم ما فعل.
واعلم أن من كتب الأصول، كتاب " الكافي " للحاكم الشهيد، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب.
وشرحه جماعة من المشايخ منهم: الإمام شمس الأئمة السرخسي وهو " مبسوط " السرخسي، والإمام القاضي الأسبيجابي، وغيرهما.
ومن كتب المذهب " المنتقى " له أيضاً، إلا أن فيه بعض النوادر؛ ولهذا يذكره صاحب " المحيط " بعد ذكره النوادر معنوناً بالمنتقى، ولا يوجد " المنتقى " في هذه الأعصار.
واعلم أيضاً أن نسخ " المبسوط " المروى عن محمد متعددة، وأظهرها مبسوط أبي سليمان الجُوزجاني.
وشرح " المبسوط " المتأخرون، مثل شيخ الإسلام أبي بكر المعروف بخواهر زاده، ويسمى " المبسوط البكري " والصدر الشهيد وغيرهما، ومبسوطهم شروح في الحقيقة، ذكرها مختلطة بمبسوط محمد، كما فعل شُرَّاح " الجامع الصغير " ، مثل فخر الإسلام، وشيخ الإسلام، وقاضي خان، وغيرهم.
وقد يقال: ذكره قاضي خان، في " الجامع الصغير " ، مثل فخر الإسلام، وشيخ الإسلام، وقاضي خان، وغيرهم.
وقد يقال: ذكره قاضي خان، في " الجامع الصغير " ، والمراد شرحه، وكذا غيره، فاعلم ذلك، والله أعلم.
الطبقات السنية في تراجم الحنفية / تقي الدين بن عبد القادر التميمي الداري الغزي