جاء ديننا العظيم ليعرفنا على أهمية الوقت وكيفية استغلاله الاستغلال الأمثل ، أليس هو مادة الحياة ومعنى الوجود ؟ يقول سبحانه وتعالى :
{ وَالْعَصْرِ(۱) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(۲) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } سورة العصر
ويذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم موقفين للإنسان يندم فيهما أشد الندم على ضياع الوقت حيث لا ينفع الندم ،
الموقف الأول : ساعة الاحتضار وفيه يقول الكافر كما أخبر القرآن الكريم:
{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ أرجعوني (۹۹) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } سورة المؤمنون: ۱۰۰
والموقف الثاني : في الآخرة ، يقول تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } يونس: ۴۵
{ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } النازعات : ۶۴،
{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ(۱۱۲) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (۱۱۳) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } سورة المؤمنون ۱۱۲-۱۱۴
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الوقت في حياة الإنسان المسلم ، حيث قال في الحديث الذي رواه مسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " رواه مسلم ،
وحث صلى الله عليه وسلم في حديث آخر على اغتنام الوقت بقوله : " أغتنم خمساً قبل خمس " وذكر منها " فراغك قبل شغلك " ،
وبين صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أنه : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل " وذكر منها " عن عمره فيما أفناه ... " رواه الترمذي
وقد كانت المفاهيم العظيمة السابقة عن الوقت وأهميته ماثلة للعيان دوماً في حياة الناجحين من سلف هذه الأمة ، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يزدد عملي ) ،
وروي عن الحسن البصري رحمه الله قوله : ( ما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد من قبل الحق : يا أبن آدم ، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد ، فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة ) ،
ويقول الإمام أبن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه ( الجواب الكافي ) :
" فالعارف لزم وقته ، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها ، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت ، وان ضيعه لم يستدركه أبدا .. فوقت الإنسان عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمر أسرع من مر السحاب . فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته ، وان عاش فيه عاش عيش البهائم . فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة ، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة ، فموت هذا خير له من حياته " ص ۱۵۷
المرجع: ادارة الوقت