سُورَة آل عِمْرَان
وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (۱۵۸)
"وَلَئِنْ" لَام قَسَم "مُتُّمْ" بِالْوَجْهَيْنِ "أَوْ قُتِلْتُمْ" فِي الْجِهَاد وَغَيْره "لَإِلَى اللَّه" لَا إلَى غَيْره "تُحْشَرُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيكُمْ
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (۱۵۹)
"فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت" يَا مُحَمَّد "لَهُمْ" أَيْ سَهَّلْت أَخْلَاقك إذْ خَالَفُوك "وَلَوْ كُنْت فَظًّا" سَيِّئ الْخُلُق "غَلِيظ الْقَلْب" جَافِيًا فَأَغْلَظْت لَهُمْ "لَانْفَضُّوا" تَفَرَّقُوا "مِنْ حَوْلك فَاعْفُ" تَجَاوَزْ "عَنْهُمْ" مَا أَتَوْهُ "وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ" ذُنُوبهمْ حَتَّى أَغْفِر لَهُمْ "وَشَاوِرْهُمْ" اسْتَخْرِجْ آرَاءَهُمْ "فِي الْأَمْر" أَيْ شَأْنك مِنْ الْحَرْب وَغَيْره تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِيُسْتَنّ بِك وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِير الْمُشَاوَرَة لَهُمْ "فَإِذَا عَزَمْت" عَلَى إمْضَاء مَا تُرِيد بَعْد الْمُشَاوَرَة "فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه" ثِقْ بِهِ لَا بِالْمُشَاوَرَةِ "إنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ" عَلَيْهِ
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (۱۶۰)
"إنْ يَنْصُركُمْ اللَّه" يُعِنْكُمْ عَلَى عَدُوّكُمْ كَيَوْمِ بَدْر "فَلَا غَالِب لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلكُمْ" يَتْرُك نَصْركُمْ كَيَوْمِ أُحُد "فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُركُمْ مِنْ بَعْده" أَيْ بَعْد خِذْلَانه أَيْ لَا نَاصِر لَكُمْ "وَعَلَى اللَّه" لَا غَيْره "فَلْيَتَوَكَّلْ" لِيَثِق
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (۱۶۱)
وَنَزَلَتْ لَمَّا فُقِدَتْ قَطِيفَة حَمْرَاء يَوْم أُحُد فَقَالَ بَعْض النَّاس : لَعَلَّ النَّبِيّ أَخَذَهَا "وَمَا كَانَ" وَمَا يَنْبَغِي , "لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ" يَخُون فِي الْغَنِيمَة فَلَا تَظُنُّوا بِهِ ذَلِكَ وَفِي قِرَاءَة بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَنْ يُنْسَب إلَى الْغُلُول "وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْم الْقِيَامَة" حَامِلًا لَهُ عَلَى عُنُقه "ثُمَّ تُوَفَّى كُلّ نَفْس" الْغَالّ وَغَيْره جَزَاء "مَا كَسَبَتْ" عَمِلَتْ "وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" شَيْئًا
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (۱۶۲)
"أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَان اللَّه" فَأَطَاعَ وَلَمْ يَغُلّ "كَمَنْ بَاءَ" رَجَعَ "بِسَخَطٍ مِنْ اللَّه" لِمَعْصِيَتِهِ وَغُلُوله "وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" الْمَرْجِع هِيَ
هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (۱۶۳)
"هُمْ دَرَجَات" أَيْ أَصْحَاب دَرَجَات "عِنْد اللَّه" أَيْ مُخْتَلِفُو الْمَنَازِل فَلِمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانه الثَّوَاب وَلِمَنْ بَاءَ بِسَخَطِهِ الْعِقَاب "وَاَللَّه بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيهِمْ بِهِ
شیخ الحدیث مولوي محمد عمر خطابي حفظه الل