سُورَة آل عِمْرَان
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (۱۶۴)
"لَقَدْ مَنَّ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسهمْ" أَيْ عَرَبِيًّا مِثْلهمْ لِيَفْهَمُوا عَنْهُ وَيَشْرُفُوا بِهِ لَا مَلَكًا وَلَا عَجَمِيًّا "يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاته" الْقُرْآن "وَيُزَكِّيهِمْ" يُطَهِّرهُمْ مِنْ الذُّنُوب "وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" السُّنَّة "وَإِنْ" مُخَفَّفَة أَيْ إنَّهُمْ "كَانُوا مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْل بَعْثه "لَفِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (۱۶۵)
"أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة" بِأُحُدٍ بِقَتْلِ سَبْعِينَ مِنْكُمْ "قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا" بِبَدْرٍ بِقَتْلِ سَبْعِينَ وَأَسْر سَبْعِينَ مِنْهُمْ "قُلْتُمْ" مُتَعَجِّبِينَ "أَنَّى" مِنْ أَيْنَ لَنَا "هَذَا" الْخِذْلَان وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ وَرَسُول اللَّه فِينَا وَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ "قُلْ" لَهُمْ "هُوَ مِنْ عِنْد أَنْفُسكُمْ" لِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ الْمَرْكَز فَخُذِلْتُمْ "إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ النَّصْر وَمَنْعه وَقَدْ جَازَاكُمْ بِخِلَافِكُمْ
وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (۱۶۶)
"وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْم الْتَقَى الْجَمْعَانِ" بِأُحُدٍ "فَبِإِذْنِ اللَّه" بِإِرَادَتِهِ "وَلِيَعْلَم" عِلْم ظُهُور "الْمُؤْمِنِينَ" حَقًّا
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (۱۶۷)
"وَلِيَعْلَم الَّذِينَ نَافَقُوا" وَاَلَّذِينَ "قِيلَ لَهُمْ" لَمَّا انْصَرَفُوا عَنْ الْقِتَال وَهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ وَأَصْحَابه "تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه" أَعْدَاءَهُ "أَوْ ادْفَعُوا" عَنَّا الْقَوْم بِتَكْثِيرِ سَوَادكُمْ إنْ لَمْ تُقَاتِلُوا "قَالُوا لَوْ نَعْلَم" نُحْسِن "قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ" قَالَ تَعَالَى تَكْذِيبًا لَهُمْ "هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمئِذٍ أَقْرَب مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ" بِمَا أَظْهَرُوا مِنْ خِذْلَانهمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَكَانُوا قَبْل أَقْرَب إلَى الْإِيمَان مِنْ حَيْثُ الظَّاهِر "يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهمْ" وَلَوْ عَلِمُوا قِتَالًا لَمْ يَتَّبِعُوكُمْ "وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا يَكْتُمُونَ" مِنْ النِّفَاق
شیخ الحدیث مولوي محمد عمر خطابي حفظه الله