سُورَة آل عِمْرَان
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (۵۴)
قال تعالى "وَمَكَرُوا" أَيْ كُفَّار بَنِي إسْرَائِيل بِعِيسَى إذْ وَكَلُوا بِهِ مَنْ يَقْتُلهُ غِيلَة "وَمَكَرَ اللَّه" بِهِمْ بِأَنْ أَلْقَى شَبَه عِيسَى عَلَى مَنْ قَصَدَ قَتْله فَقَتَلُوهُ وَرَفَعَ عِيسَى إلَى السَّمَاء "وَاَللَّه خَيْر الْمَاكِرِينَ" أَعْلَمهُمْ بِهِ
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (۵۵)
اُذْكُرْ "إذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى إنِّي مُتَوَفِّيك" قَابِضك "وَرَافِعك إلَيَّ" مِنْ الدُّنْيَا مِنْ غَيْر مَوْت "وَمُطَهِّرك" مُبْعِدك "مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِل الَّذِينَ اتَّبَعُوك" صَدَّقُوا بِنُبُوَّتِك مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى "فَوْق الَّذِينَ كَفَرُوا" بِك وَهُمْ الْيَهُود يَعْلُونَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْف "إلَى يَوْم الْقِيَامَة ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأَحْكُم بَيْنكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (۵۶)
"فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا" بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي وَالْجِزْيَة "وَالْآخِرَة" بِالنَّارِ "وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" مَانِعِينَ مِنْهُ
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (۵۷)
"وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَيُوَفِّيهِمْ" بِالْيَاءِ وَالنُّون "أُجُورهمْ وَاَللَّه لَا يُحِبّ الظَّالِمِينَ" أَيْ يُعَاقِبهُمْ رُوِيَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَرْسَلَ إلَيْهِ سَحَابَة فَرَفَعَتْهُ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ أُمّه وَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا إنَّ الْقِيَامَة تَجْمَعنَا وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَة الْقَدْر بِبَيْتِ الْمَقْدِس وَلَهُ ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سَنَة وَعَاشَتْ أُمّه بَعْده سِتّ سِنِينَ وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيث ( أَنَّهُ يَنْزِل قُرْب السَّاعَة وَيَحْكُم بِشَرِيعَةِ نَبِيّنَا وَيَقْتُل الدَّجَّال وَالْخِنْزِير وَيَكْسِر الصَّلِيب وَيَضَع الْجِزْيَة) وَفِي حَدِيث مُسْلِم أَنَّهُ يَمْكُث سَبْع سِنِينَ وَفِي حَدِيث عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أَرْبَعِينَ سَنَة وَيُتَوَفَّى وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد مَجْمُوع لُبْثه فِي الْأَرْض قَبْل الرَّفْع وَبَعْده
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (۵۸)
"ذَلِكَ" الْمَذْكُور مِنْ أَمْر عِيسَى "نَتْلُوهُ" نَقُصّهُ "عَلَيْك" يَا مُحَمَّد "مِنْ الْآيَات" حَال مِنْ الْهَاء فِي نَتْلُوهُ وَعَامِله مَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الْإِشَارَة "وَالذِّكْر الْحَكِيم" الْمُحْكَم أَيْ الْقُرْآن
شیخ الحدیث مولوي محمد عمر خطابي حفظه الله